
هاي كورة (بقلم دافيد بوتي – As)
عاد ديكو إلى نقطة الانطلاق، لكن هذه العودة لم تكن تراجعًا بقدر ما كانت تحضيرًا لقفزة جديدة إلى الأمام.
في برشلونة، كثيرًا ما تكون الخطوات المتأخرة مدخلًا للتقدّم الحقيقي، وديكو يدرك ذلك تمامًا.
منذ وصوله إلى النادي الكتالوني، لم يتردد في اتخاذ قرارات معقدة، وحتى غير شعبية، إذا رأى أنها تصب في مصلحة المؤسسة التي يقودها جوان لابورتا.
رغم قصر تجربته كمدير رياضي، فقد رسم ملامح شخصيته الإدارية بسرعة.
آخر خطواته كانت العملية الخاصة بانتقال أنسو فاتي إلى موناكو، لكنها ليست الوحيدة.
رأيناه يتعامل بثبات مع ملف المدرب ويقود المرحلة الانتقالية إلى هانز فليك بحسم، كما أثبت براعة كبيرة في إنهاء صفقات في ظروف صعبة وأسواق مزدحمة، ديكو ليس من أولئك الذين يرتجلون.
صحيح أن تجديد نيكو ويليامز لعقده مع أتلتيك بيلباو أجبره على إعادة ضبط بعض الخطط، لكن ما يُحسب له أنه لم يخضع للضغوط الجماهيرية، ولم يَعِد بما لا يمكن تحقيقه.
ومن الأساس، لم يكن نيكو خياره الأول؛ كانت الأولوية دومًا للمهاجم الكولومبي لويس دياز من ليفربول.
النجاح، كما الفشل، يحتاج إلى إدارة متّزنة، وديكو يقدم ذلك بنُدرة نراها قليلًا في مكاتب كرة القدم.
يتحرّك بهدوء، يرسم خارطة طريق واضحة، ويبحث عن حلول بلا ضجيج، وفي وقت يحتاج فيه برشلونة إلى استقرار ورؤية وشجاعة، يقدم ديكو هذه الثلاثية ببراعة.
لا يمكن أن نغفل صعوبة المرحلة التي يمر بها، فإعادة بناء فريق تنافسي في ظل شحّ الموارد المالية والضغوط المتواصلة، مهمة ثقيلة على أي مدير.
ومع ذلك، يواجه ديكو هذه التحديات بثقة، بعيدًا عن الدراما، وبقيادة هادئة وإيمان لا يتزعزع بمشروعه.
إعادة البناء تبدأ أحيانًا من الصفر، وهذا ما يفعله ديكو بالضبط.
برشلونة لا يحتاج إلى سحر، بل إلى منهج، وديكو يعمل على ذلك: بناء مستقبل الفريق، لبنةً فوق لبنة، بخطى ثابتة وواعية.