“منتخب إسبانيا: نحو المستقبل عبر الثقة والتجديد”
هاي كورة: في المباراة التي جمعت بين المنتخب الإسباني وسويسرا في إطار دوري الأمم الأوروبية، كانت الفرحة مختلطة بشيء من القلق، لكنها أكدت بوضوح أن إسبانيا تمتلك عمقًا فنيًا كبيرًا قادرًا على التغلب على الصعاب.
وكان الفريق في مواجهة تحدٍ صعب بعدما تقدم على سويسرا مرتين ثم تعرض للتعادل، فإن الهدف الحاسم لبريان زاراغوزا في اللحظات الأخيرة منح إسبانيا انتصارًا مستحقًا في مباراة كانت بمثابة اختبار حقيقي لعزيمة اللاعبين الشباب واستراتيجية المدرب لويس دي لا فوينتي.
وكانت المباراة بمثابة ثورة تكتيكية لمنتخب إسبانيا، فقد قرر لويس دي لا فوينتي إجراء 11 تغييرًا في التشكيلة الأساسية مقارنةً بالمباراة السابقة ضد الدنمارك، ليكون هذا التغيير الأوسع في تاريخ إسبانيا الحديث.
وهذه التغييرات لم تكن مفاجئة بقدر ما كانت ضرورية، حيث منح المدرب فرصة لجميع اللاعبين، ليظهروا في مواجهة منتخب سويسرا من أجل تجهيزهم للمباريات المقبلة.
ومن الملفت أن الفريق لم يفقد توازنه رغم هذا التغيير الجذري، ما يشير إلى قوة العمل الجماعي داخل المنتخب الإسباني وإلى الإيمان العميق من اللاعبين بفلسفة مدربهم.
وفي قلب خط الوسط، أظهر مارك كاسادو، لاعب برشلونة الشاب، إمكانيات كبيرة رغم الظروف غير المعتادة.
وهو ما يضيف إلى تاريخ إسبانيا العريق في تطوير لاعبين في هذا المركز.
ومنذ أيام سينا، تشابي ألونسو، بوسكيتس، إلى رودري وزوبيميندي، قدّم كاسادو نفسه كما لو كان جزءًا من هذا الجيل التاريخي.
ورغم سنه الصغير، إلا أن أدائه ضد سويسرا كان يعكس نضجًا وتكتيكًا عالٍ، حيث تعامل مع لاعبين على مستوى عالمي مثل شاكَا وفريولر.
كاسادو ليس مجرد لاعب وسط؛ هو جزء من منظومة البناء والهدم التي تقوم عليها طريقة لعب إسبانيا.
وواحدة من أبرز لحظات المباراة كانت عندما سقط ألفارو موراتا في منطقة الجزاء، ليحصل على ركلة جزاء كانت يمكن أن تعزز رصيده الشخصي كأحد أفضل هدافي المنتخب الإسباني.
ولكن موراتا، قائد الفريق، أظهر جانبًا نادرًا من القيادة والتواضع، حيث تنازل عن الحق في تنفيذ الركلة لصالح بيدري، بناءً على طلب الجمهور.
وعلى الرغم من أن بيدري أخفق في التسجيل، إلا أن يريمي بينو، اللاعب الذي بدا وكأنه يعي تمامًا روح الفريق، سجل الهدف الأول لإسبانيا بعد استغلال كرة مرتدة من الحارس السويسري.
ولم يكن فقط هدفًا؛ بل كان أيضًا رسالة عن الجماعية التي تميز هذا المنتخب.
وأكدت المباراة أن المنتخب الإسباني يملك أكثر من مجرد لاعبين في التشكيلة الأساسية.
فبفضل التغييرات التكتيكية والفرص التي أتيحت للاعبين الشبان، مثل بريان زاراغوزا وفابيان رويز، الذين أضافوا بعدًا جديدًا للفريق، يبدو أن إسبانيا في طريقها للاستمرار في الهيمنة على الساحة الأوروبية.
ففابيان، الذي وصل إلى مباراته الـ32 مع المنتخب دون أي هزيمة، يعكس تطور الفريق بشكل عام، ويعزز مكانته كلاعب أساسي في المستقبل.
وبالرغم من أن الفريق شهد تغييرًا في الأسماء، إلا أن إسبانيا لم تفرط في قيمتها الأساسية، وهي اللعب الجماعي والهجوم السلس.
والهدف الحاسم لبريان زاراغوزا كان بمثابة تتويج للجهود الجماعية، وهو ما يجعل كل نظرة إلى هذه المباراة بمثابة تأكيد على أن إسبانيا ليست فقط فريقًا يحصد الانتصارات، بل هي أيضًا مصنع للمواهب المستقبلية التي قد تهيمن على الكرة الأوروبية لسنوات قادمة.
وتلك المباراة، برغم كونها غير حاسمة في سياق البطولة، كانت بمثابة اختبار حقيقي للقدرة على التكيف مع المواقف الجديدة وأثبتت أن إسبانيا على أتم استعداد للمضي قدمًا نحو مراحل أكثر تحديًا بثقة وتجديد.