هاي كورة _ في صباح 1 يوليو 2006 عنونت صحيفة لاجازيتا ديلو سبورت أشهر صحف إيطاليا الرياضية “يوفنتوس يهبط للدرجة الثانية رسميا”.
يوفنتوس بطل الدوري في ذلك الموسم يهبط للدرجة الثانية بعد قضية التلاعب بالنتائج “الكالشيو بولي” التاريخية والتي جعلت الجميع في حالة ذهول حينذاك، خاصةً وأن القضية طالت ميلان وكذلك فيورنتينا بخصم نقاط من كلاهما بسبب التلاعب في النتائج.
بعيداً عن صحة القرارات من عدمها حينذاك وإستمرار يوفنتوس في الدفاع عن حقه وتعويضه عن الخسائر التي تعرض لها مؤخراً، إلا ان حسم قضية بهذا الحجم في الوقت الذي كانت إيطاليا على مشارف المباراة النهائية لكأس العالم بألمانيا امام منتخب فرنسا، فذلك سيؤثر على المنتخب قطعاً قبل مباراته التاريخية.
ولكن في أرض الملعب كان الأمر مختلف تماماً، منتخب الروح والعزيمة لم يتأثر بما حدث في بلادهم فقط تركيزهم في نهائي بيرلين رغم التسجيل في مرماهم في الدقيقة 7، إلا أنهم عادوا سريعاً ووصلوا لركلات الترجيح التي إبتسمت لهم في النهاية بعد إهدار تريزيجية مهاجم يوفنتوس لركلة جزاء، أوضحت بأن اللاعب الفرنسي متأثر بهبوط فريقه للدرجة الثانية عكس زملائه الطليان، ليتوج منتخب إيطاليا في كأس العالم وينشر الفرح في جميع أرجاء إيطاليا ليتبدل السواد الذي إكتست به مدن الأندية التي تضررت من قرارات الكالشيوبولي.
قبل فضيحة الكالشيوبولي بـ26 عام ظهرت فضيحة أخرى في إيطاليا البلد التي إستضافت بطولة يورو 1980 قبل إنطلاق البطولة بشهرين، وكانت متعلقة بالتلاعب بالنتائج أيضاً وعُرفت بإسم “التوتونيرو” وتقرر على اثرها هبوط ميلان للدرجة الثانية، وطالت المحاكمات اللاعب باولو روسي الذي كان يلعب لبيروجيا حينذاك وتم إيقافه لمدة ثلاثة أعوام ولكن تم تخفيض العقوبة لعامين.
إيطاليا في هذه البطولة خسرت المركز الثالث بركلات الترجيح امام تشيكوسلوفاكيا، ولكن باولو روسي عاد بعد عامين من إيقافه وجلب كأس العالم للطليان من إسبانيا بعد التغلب على ألمانيا بثلاثية مقابل هدف، ليحقق منتخب إيطاليا كأس العالم بأقدام هداف البطولة باولو روسي الذي كان لا يمارس كرة القدم لمدة عامين.
وفي 28 مايو 2012 وقبل بداية يورو 2012 بـ 10 أيام جائت فضيحة جديدة من المراهنات بإيطاليا عُرفت بإسم “كالشيوسكوميسي”، وطالت العديد من النجوم في إيطاليا على رأسهم ماوري لاعب لاتسيو وكذلك مدرب يوفنتوس أنتونيو كونتي حينذاك، بالإضافة للاعب دومينيكو كريتشتو الذي كان ضمن قائمة إيطاليا وإستبعده برانديلي من القائمة الأولية بعد أن جاء إسمه في القضية.
قبل البطولة بأيام قليلة، صرح ماريو مونتي رئيس وزراء إيطاليا في ذلك الوقت، إنه على المستوى الشخصي يتمني إيقاف نشاط كرة القدم لمدة عامين على الأقل حتى يتم تطهير اللعبة من ما يحدث عن طريق المراهنات، ليرد برانديلي بتصريح رسمي قبل مباراة إسبانيا الإفتتاحية في اليورو قائلاً “إذا كان إيقاف كرة القدم سيكون في مصلحة البلاد، مستعدين أن ننسحب من البطولة”.
بعد هذه الكلمات التي قالها برانديلي ظلت القضية تنظر في المحاكم، ولم يتم إعلان اي شئ رسمياً فيما يخص إيقاف النشاط، ولكن الأجواء التي كانت مضطربة في معسكر إيطاليا ببولندا حينذاك، فليس هُناك اسوء مما يتم تداوله بين المشجعين والصحافة فيما يخص كرة القدم.
تعادلت إيطاليا مع إسبانيا في إفتتاح مبارياتها في البطولة، ثم تعادلت مع كرواتيا وتفوز على ايرلندا وتتأهل لدور الثمانية وتفوز على إنجلترا بركلات الترجيح، حينها أدرك البعض بأنه بإمكان إيطاليا ان تصنع الحدث من جديد، وبدأت وسائل الإعلام المختلفة بتحفيز المنتخب وقل الحديث عن القضية وما يحدث فيها وظل التركيز مع منتخب لاسكوادرا في مباراته الصعبة أمام ألمانيا الذي كانت تكتسح الجميع حينذاك.
مباراة ألمانيا كانت بمثابة النهائي لرفقاء بوفون، فاز منتخب إيطاليا بهدفي بالوتيلي في مرمى نوير ليتأهل المنتخب الإيطالي للنهائي وسط أفراح عارمة بميادين إيطاليا في ذلك الوقت، قبل ان يخسر النهائي برباعية امام منتخب إسبانيا الذي كان يسيطر على الأخضر واليابس في هذه الفترة.
إذاً فكما هو واضح تاريخياً منتخب إيطاليا لا يتنفس إلا على الفضائح، ما حدث في 1980 لباولو روسي لم يجعل أحد يصدق بأن هذا اللاعب سيعود بعد عامين ليجلب كأس العالم لإيطاليا، ولا ما حدث في 2006 يؤشر لرفع فابيو كانافارو لكأس العالم، وفي 2012 بعدما كان النشاط الكروي في إيطاليا على وشك التجميد وصل ذلك المنتخب إلى نهائي بطولة أوروبا.
بينما في البطولات التي يتم ترشيح إيطاليا فيها للمنافسة تُخذل جماهيرها، فإما الخيبة مثلما حدث امام سلوفاكيا 2010 في كأس العالم ومصر في كأس القارات 2009، وكوستاريكا أخيراً في 2014، وإما التألق مثلما حدث كلما ظهرت فضيحة جديدة قبل البطولة.
فإذا أراد الإتحاد الإيطالي ان تنافس إيطاليا بهذا الجيل قليل المواهب على يورو 2016، فعلى المحاكم الإيطالية إيجاد فضيحة من أجل ذلك.